(أوتاوا، كندا) – 26 نوفمبر 2025
في ظل تصاعد حدة التوترات التجارية مع جارتها الجنوبية، الولايات المتحدة، دفعت الحكومة الكندية بمقاربة متعددة الأوجه لضمان استقرار اقتصادها: حماية صناعاتها المتضررة عبر الدعم المباشر، والبحث عن شركاء تجاريين جدد لكسر الاعتماد الأحادي على السوق الأمريكية.
وشهد اليوم إعلان أوتاوا عن حزمة دعم ضخمة لصناعتي الأخشاب اللينة (Lumber) والصلب (Steel)، بالتوازي مع تأكيدها على استئناف المفاوضات التجارية الصعبة مع واشنطن، في معركة يبدو أنها طويلة الأمد.
أعلنت الحكومة الكندية تخصيص حزمة دعم تصل إلى 500 مليون دولار كندي، موجهة خصيصاً لقطاعي الأخشاب والصلب. هذان القطاعان يعتبران من أبرز ضحايا الرسوم الجمركية الأمريكية التي فُرضت بموجب قوانين الحماية التجارية الأمريكية.
ويهدف هذا الدعم الحكومي إلى:
حماية الوظائف: مساعدة الشركات على الاحتفاظ بالعمالة الكندية في المناطق المتضررة بشدة.
تعزيز الكفاءة: تمويل المشاريع التي تساعد الشركات على تحديث منشآتها وزيادة كفاءتها التشغيلية.
تنويع الأسواق: دعم الشركات في جهودها لاختراق أسواق تصدير جديدة خارج أمريكا الشمالية.
على الجانب الدبلوماسي، أكدت القيادة الكندية على استعدادها التام لاستئناف المفاوضات مع الإدارة الأمريكية حول القضايا العالقة المتعلقة بالرسوم الجمركية. تأتي هذه المفاوضات في سياق يطغى عليه الحذر، حيث تستمر واشنطن في توجيه تحذيرات بشأن ما تصفه بـ "الممارسات التجارية غير العادلة" من الجانب الكندي.
ثبات أوتاوا: شدد رئيس الوزراء الكندي على أن أوتاوا ستدخل المفاوضات بحسن نية، لكنه لن يتردد في تفعيل التهديد بفرض رسوم جمركية انتقامية على سلع أمريكية مختارة إذا لم يتم التوصل إلى حل عادل يحترم مصالح الصناعات الكندية.
الخطر الداهم: تضع التوترات الحالية مستقبل اتفاقيات التجارة الحرة بين البلدين على المحك، ما يدفع كندا للبحث عن استراتيجيات أمنية اقتصادية.
تعكس الخطوات الكندية الأخيرة تحولاً استراتيجياً بعيد المدى، يهدف إلى الحد من التبعية الاقتصادية للولايات المتحدة. فقد كشف وزير الخارجية الكندي عن هدف حكومي طموح يتمثل في مضاعفة التجارة الكندية مع الأسواق غير الأمريكية خلال العقد القادم.
الرهان على الهند: يُعد دفع الاتفاقية التجارية الشاملة مع جمهورية الهند أولوية قصوى. تهدف أوتاوا إلى ترسيخ شراكة استراتيجية مع نيودلهي كبوابة للأسواق الآسيوية، مما يوفر للكثير من المصدرين الكنديين بديلاً مستقراً في مواجهة التقلبات السياسية والاقتصادية مع أمريكا.
في المحصلة، تسعى كندا إلى إرسال رسالة واضحة: هي مستعدة لدفع الثمن المادي لحماية صناعاتها، لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التحديات التجارية، بل ستعمل على تنويع خياراتها لضمان مستقبل اقتصادي أكثر استقلالاً وأمناً.